كيف نربي أبناءنا على حب الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف نربي أبناءنا على حب الصلاة

 أبناؤنـا فـلـذات أكبادنـا والورقة الرابحـة التـي تـراهن أمتنـا عليـهـا فـي اسـتعادة أمجادهـا والرقـي بهـا .. ولـن يتحقـق للأمـة نصـر ولا للإسـلام تمكـيـن فـي الأرض مـا لـم يـتم إنشـاء جـيـل إسـلامي مسلح بالعلم والتقى والصلاح وأهـم مـا يتوجـب علـى الأزواج الاهتمـام بـه وتربيـة أولادهـم عليـه ،الصـلاة التـي هـي عمـود الـدين وركنـه الثـاني و الذخيرة التـي يـتـزود بهـا الفـرد لتجـاوز مشـاق الطريـق فـي الـدنيا وكربـات يـوم القيامـة .ومـن هنـا أردت أن أرشـد ربـات البيوت وأمهاتنا وأباءنـا إلـى عـدد مـن النصائح التي من خلالها يمكن أن نربي جيـل كـامـل علـى الصـلاة لا بـالقهر والإرهاب وغرسها بنفوسهم كأنهـا عقوبة أو عقبـة يتعثـر بهـا كـل حـين .. لا، بل تكـون الصلاة قرة عين لهـم ومفـزع مـن كل كرب وهم .. وكمـا أسـلفنا أن هذه المهمـة تقـع علـى عـاتق الأبـوين بالدرجـة الأولـى  لأن الطفـل ينمـو بينهمـا وتـحـت رعايتهمـا إلـى أن يبلـغ سـن السـابعة ليتعلم مـن المدرسـة ، فـإذا كبـر قلـيـلا صـارت البيئة المحيطـة بـه بكـل مـا فيهـا، أحـد أكبـر المؤثرات في نفسيته وسلوكه ، ثـم يقـل أخذ الطفل عن أبويه في تلك المرحلة ،لذلك إذا أحسـن الأبـوان تربية الأبنـاء قبـل العاشـرة ، كـان أثرهـا ظـاهراً عليـه فيمـا بعـد ، وإن لم يحسـن الآباء التربية في هذه الفتـرة صـار الأمـر إلـى أصعب ويحتـاج الأمـر أكثـر عنـايـة وصـبراً وتربيـة … مع ملاحظـة أن شـرائـع الـدين ينبغي أن يتعلمهـا الأولاد بالتدرج والتّسلسـل حـتـى تكـون سـهلة عليهم ، ويبـدأ معهم في تعليمها قبل وقت وجوبها عليهم . وتعليم الطفل الصلاة يبـدأ مبكـراً مـن حـيـن ظـهـور الـوعي لدى الطفل ، فنتوجـه إليـه بـالتعليم فـي سـن الثالثـة أو فـي الفتـرة الـتـي يبـدأ فيهـا الطفـل بالمحاكـاة ( التقليـد ) لأبويـه فـي التصرفات ، فـإذا صـلى الأب بعـض الصـلوات والأم جميع الصلوات في المنزل فمن الطبيعي أن يقلدهما في ذلك علمـاً أن هذا التعليم لا ينبغي أن يترافـق بـأمر ولا إلـزام البتـة ، ولا بـأي شـيء مـن الشـدة أو القسـوة أو الترهيب ؛ يكفـي التشجيع لـه ويكفيـه التقليد والمحاكاة ، والتي تظهـر منـه فـي الصـلاة أو غيرهـا مـن الأمـور الإيجابيـة فـإذا أراد ذلـك يشجع ، مـن خـلال إشعاره أنـه فـعـل شـيئاً يستحق الإكـرام أو المكافأة ، فتنمـو لديـه فـكـرة أن هذه الصلاة شيء عظيم وهـام ، وهـذا كـمـا قلنـا مـن حـين وعي الطفل ومحاكاته التصرفات لمحيطه .. يجـب أن نلاحظ أمـوراً هامـة فـي نفسية الأبنـاء فـي هـذه السن ، حيث أن الطفـل يحـب المتعـة والمــرح وخصوصـا فـي هـذا العمـر فيكـون تعليمـه علـى سـبيل إمتاعـه وتدريبـه علـى الفرح والسعادة بحركات الصـلاة التـي سـيفهم الطفـل فيمـا بعـد حـين يكبـر وتتوسع مداركـه أنـهـا حـركـات وفرائض مـن العبوديـة التـي أمر الله تعالى بها عباده . محاكاة الصغار للكبـار تجعلـه مسـتمتعاً ويجـد لـذة مشـابهته للكبـار فيشـعر بالامتزاج بـهـم ثـم يدفعـه هـذا الشـعور إلى الرضى والاطمئنـان لـمـا يقـوم بـه وأنـه يفعـل فعـل الكبـار ، ونحـذر كـل الحـذر أيضـاً مـن قيامنـا بأي فـعـل سـلبي أو غيـر أدبـي لأن الطفـل كـمـا قلنـا مسـتعد أيضـاً لمحاكاتهـا وتقليدها ، وهذا خطأ فاحش يقـع فيـه أكثـر الآباء أمـام أبنائهم فينحـرف الأطفال بهذه اللامبالاة التـي يقع بها الآباء

وعناصـر التربيـة كمـا ذكـرها العلمـاء : التـّدرج والاستمرارية والصـبر والمتابعة ، وهذه الأمـور يجـب أن تؤخـذ بعين الاعتبـار مـن قبـل الأبـويـن خـلال تربية الأبناء على الصلاة وهي مفهومة من عموم قوله تعالى : { وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَیۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقࣰاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ }

[سُورَةُ طه: ١٣٢]

أما الأمر بالصلاة والترغيب بها فيبدأ في سن السابعة . عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ وهم أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، واضْرِبُوهُمْ عليها، وهم أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المَضَاجِعِ». وعن أبي ثرية سبرة بن معبد الجهني – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ لِسَبْع سِنِينَ، واضْرِبُوهُ عليها ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ». ولفظ أبي داود: «مُرُوا الصَّبِيَّ بالصلاةِ إذا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ».، وهـو صحیح بملاحظـة نـص الحـديث نجـد الأمر يبـدأ مـن سـن السابعة ولا يشدد على الطفـل حتى سن العاشرة أي بعد (35000) أمـر وهـذا توجيـه نبـوي عظيم ولهذا نقول يؤمر الطفـل مـن سـن السابعة ولكن دون أن يتوجه الأبوان لـه بـالشـدة والإصرار كمـا ذكرنـا ، ثـم يكـون الإلزام بهـا فـي السـن العاشرة ، هذه ثلاث مراحل عمريـة تمـر بالطـفـل ويتدرج الأبـوان في توجيه الأولاد والأبنـاء لـهـذه الفريضة التي تقوي الوازع الديني الداخلي لديهم فيما بعد … الطفـل لا يعلـم بالترهيـب فقـط ؛ وخصوصـاً فـي سـن السـابعة أو قبلهـا إلـى العاشرة ، ففـي هـذه المراحـل مـن العمـر ينبغـي علـى المربي أن يـوازن بـين الترغيب والترهيـب فـي شـأن الصلاة ، ففي بعض الأحيان يجلـس مـعـه ويخبـره بفوائد الصـلاة وثمراتهـا بطريقـة لينـة حـتـى يعتـاد على أدائهـا وهـذا أيضـاً مـن بـاب الترغيب ، وفـي حـين آخـر إذا لاحـظ تقصيره فـي شـأن الصـلاة يقـوم بالترهيـب والشـدة عليـه مـع التخفيـف كالحرمـان مـثلاً أو الهجـر والتخويـف مـن عصيان الله تعـالى وغيرهـا مـن الأساليب المناسبة الأخـرى .. ولا يرتقـي إلـى

حـد الإكراه على الفعـل ، بـل هـو علاج غير مستمر ممزوج بالأصـل وهـو الحب والترغيب والتشجيع . فمن التربية الصحيحة :

* استخدام الأساليب المتنوعـة فـي التربيـة علـى الصـلاة ، فمـرة بأسـلوب الترغيب والتشجيع ، ومـرة بأسلوب المكافأة والثنـاء وهكذا .. ، فـإن قصّـر في تلك الفتـرة فـي الصـلاة أو في غيرهـا نحـاول التبريـر لـه بطريقـة ينشط فيه للفعل الإيجابي حتـى يـرى التقصير حالة سلبية يجب ألّا يعـود إليها ، أو يعاقـب بمـا يسـمـى بـالتعزيز السلبي فيؤخر عن الخروج للفسحة أو النزهـة الأسبوعية أو يحـرم منهـا لأسـبوع أو أي شـيء مـن هـذا القبيل .

* التخفيـف مـن كلفـة التكليـف فـي قيـام الطفل بالفعل بحيث نقـوم مـع الطفـل مثلاً سـوية بالوضـوء ، فنتحـادث مـعـه ثـم نـتّجـه إلـى سـجادة الصـلاة بالملاطفة والمحادثـة معـه بشـكـل شـيّق يجـذب الطفـل لقيامـه بالصـلاة ، فترتفـع عـن الطـفـل مشـقة الوضـوء التـي قـد يكسـل لأجلـه ، ويستمتع بالذهاب والإياب ، وخصوصاً في بدايـة التعـلـيـم ثـم يتوجـه بالثناء على إحسـانـه فـي الوضـوء وعـدم الإسـراف بالمـاء مـثلاً ، وأنـه أصـبح نظيفـاً وجميلاً بعد الوضـوء ، ثـم يثنـى علـى لباسـه وتهيّئـه للصـلاة ، ويمكن أن نثنـي علـى لبـاس الصلاة للبنـت مثلاً ، وهكذا حتى تستقر في نفس الطفل هـذه المحادثـات الإيجابيـة التـي تربيـه علـى الفضـيلة وتعظـيـم شـأن الصلاة . .

* أن يرافق الأب ولده للمسجد ولا يتركـه يذهب لوحـده إلى المسجد ، نعـم لابـدّ مـن مرافـق لـه إذا ذهـب إلـى المسجد وتركه لوحـده بـدون مرافـق وهو دون سـن التكليـف أو دون العاشـرة فهـذا مـن الأخطـاء التـي قـد تكـون سبباً لتـرك الصلاة لأنه سيجد فـي طريقـه مـا هـو أحـب إليـه مـن الصـلاة أو يعتدى عليـه فـي الطريـق فتحصـل لـه ردة فعـل بتـرك الصـلاة بسبب ذلك حين لا يجد له نصيرا ضدّ من يعتدي عليه .

* الخـروج بالطفـل إلـى المناسبات العامـة ومرافقتـه للجمعـة والعيـدين والتراويح وإذا تعـب الطفـل يمكـن لـلأب مراعـاة حـال ولـده ، حتـى لا يكره الطفل هذه الشعائر التي يكون بعضها من السنن • لا تكرر على الولـد الأمر بالصلاة بشكل يشعر فيه بالشدة ، بـل يكفي أن تتوضـأ أمـامـه وأن تذهب معـه نزهـة أو رحلـة وأنـت ملتـزم بصـلاتك فالتربية بالقدوة أقوى من التربية بالأمر .

* اربط الصلاة بمـا يكـون محبوباً عند الطفل ، فإذا كان يحـب الخروج إلى الحديقـة مـثـلا قـل : سنذهب إلـى صـلاة الجمعـة وبعـدها نذهب إلـى الحديقة ، أو سنزور جدتك بعد أن نصلي العصر في المسجد وهكذا ..

هذا والله أعلم وأحكم .

المراجع :

* القرآن الكريم.

* ارشيف ملتقـى اهـل الحـديث – موقع الكترونـي تـم تـخـريج صـحة الحديث عن طريقه.

الكاتبة : نورا أحمد معري

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.